قال أمير المؤمنين عليه السلام: من حفر لأخيه بئراً أوقعه الله فيه
و المعنى من أراد لأخيه سوءً وكاده، جعل الله سبحانه كيده في نحره، ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى: } وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{ (سورة التوبة : 98) ، وقوله تعالى: } وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ{ (سورة الأنعام:123) . و قوله تعالى : } يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم{ (سورة يونس:23).
أن الله جفي ذلك اعد للذين يريدون السوء بالناس، و المكر بهم عذابا شديدا في الآخرة، أضف إلى ذلك انه جعل كيدهم و تدبيرهم، والشباك التي ينصبوها للآخرين هم الذين يقعون فيها، تشديدا في المحنة عليهم و تأديبا لغيرهم.
أن القصص في ذلك أكثر من أن تحصى، نكتفي منها:
أن بعض الملوك كان يحب شخصا، يعزه و يُجله ، فحسده الوزير و اخذ يفكر في الخلاص منه، فدعاه إلى الغداء، و أكثر فيه الثوم ، و أكل الرجل ، ولمّا نهض ليخرج قال له الوزير أنت سوف تجلس مع الملك، فضع منديلا على فمك كي لا يشم منك رائحة الثوم، فشكره ومضى . و أسرع الوزير إلى الملك فقال: انك تجالس فلانا و لا تعلم بما يتكلم عنك انه يقول: أن الملك أبخر(الابخر:هو الذي تنبعث من فمه رائحة كريهة) و أنا أغطي فمي بمنديل كي لا اشم رائحة فمه الكريهة.
استشاط الملك غضبا ، ومضى الوزير، وجاء الرجل،فرآه الملك وقد وضع منديلا على فمه، فصدّق الوزير، ولكنه كره أن يقتله في مجلسه، فكتب كتابا إلى احد عماله يأمره بقتل حامل الكتاب وان لا يراجعه في الأمر، و ختم الكتاب، وطلب منه أن يوصله إلى العامل.
خرج الرجل و بيده الكتاب، و استقبله الوزير و سأله عن مقصده فأخبره، فظن أن الملك أمر له بجائزة، فطلب منه أن يدفع إليه الكتاب ليقوم بالمهمة بدلا منه.
استجاب له الرجل، فأعطاه الكتاب، مضى الوزير للعامل، ونفّذ العامل الأمر، وقتل الوزير.
وفي اليوم الثاني جاء الرجل على عادته للملك، فاستغرب الأمر، ثم انكشفت له الحقيقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق