لو تأمل الإنسان مليا موضوع الفقر لوجده من نعم الله تعالى على عباده، فهو يصقل النفس، ويصفي الذهن، ولا أدل على ذلك من إن أكثر العلماء والمخترعين من الفقراء ، أضف إلى ذلك ما اعدّ الله جل جلاله لعباده الفقراء من نعيم في الآخرة.
قال الإمام الصادق عليه السلام: إذا كان يوم القيامة أمر الله عزّ وجل منادياً ينادي: أين الفقراء؟ فيقوم عنق من الناس، فيؤمر بهم إلى الجنّة:قبل الحساب؟! فيقولون: أعطيتمونا شيئاً فتحاسبوا عليه؟ فيقول الله عزّ وجلّ: صدقوا، عبادي ما أفقرتكم هوانا بكم، ولكن ادخرت هذا لكم لهذا اليوم، ثم يقول لهم: انظروا و تصفّحوا وجوه الناس فمن أتى إليكم معروفا فخذوا بيده و ادخلوه الجنة.
إن الفقراء يعيشون في بعد عن المخاوف التي يعيشها الأغنياء، فالأغنياء يخافون الدولة وسطوتها ، و يخافون السرّاق و أساليبهم الكثيرة في اللصوصية ، وربما قتلوا الصحاب الأموال، كما يحدث هذا دائماً، كما إنهم يصبحون في قلق ويمسون في قلق، و نقل احدهم انه كان نائما إلى جنب احد الأثرياء، فسمعه يصيح أثناء النوم: كيف صار موضوع القمح؟ وبعد برثة صاح: الباخرة تأخرت، وهكذا، فهو لكثرة تفكيره في أعماله و تجارته لا ينام نوما هادئاً، بل يبقى العقل الباطني في دوامة من العمل و الجهد.
و نقل آخر: انه كان نائما على السطح مع احد الأثرياء فانتبه عطشانا فرأى الثري جالسا متفكّراً، فسأله عن السبب؟ قال: أنا متحيّر هل ارفع شكوى على آل فلان – الفلاحين الذين يعملون عنده –. فالأموال كما هي تبعد الإنسان عن نعيم الآخرة كذلك تبعده عن الراحة وملاذ الدنيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق